8‏/11‏/2009

أبجد .. تجربة فى النهوض الثورى (1)



تجربة .. نهوض .. ثورى .. أبجد ، أربع كلمات وردت فى عنوان العمل ، يجب أن ألقى عليها بعض الضوء قبل الشروع فيه :

تجربة .. هنا بمعناها العلمى أى تتبع الخطوات التالية :

1- تحديد حقل التجربة وموضعها .
2- قراءة ورفع للواقع ، وجمع للمعلومات فى هذا الحقل الذى سيجرى العمل فيه .
3- البدء فى تنظيم المعلومات ، و التوفيق بين هذه العناصر المتجمعة لدينا .
4- وضع الفروض لنجاح التجربة ، ثم البدء فى تجريب الفروض ، ومع فشل صحة كل فرض يصبح لدينا طريقة خاطئة تؤكد اقترابنا من الطريقة الصحيحة .
5- الوصول إلى الفرض الصحيح الذى يوصلنا للنتيجة المرادة من التجربة ، ومن ثم تطبيقها على الحقول والمجالات المشابهة .

النهوض .. هو ذلك العمل الحضارى الذى يعزم عليه مجموعة من المجتمع القيام به ضد حركة ركود أو بطء حضارى فى المكان والزمان الحاويين لهم .

الثورى .. هو الطريق أو الوسيلة التى يتخذها العمل النهضوى مقابلة بمناهج نهضوية وتغييرية أخرى ، وهو لا يعنى العنف أو القسوة فى طريقة توقيع التجربة النهضوية ، ولكن يعنى أن هذه التجربة تقطع تماما بين ما قبل التجربة وما بعدها ، وتنفصل انفصالا تاما عن معطيات الواقع ، فتحدث بذلك ثورة فى الواقع المركوم .

أبجد .. هو نشاط طلابى استطاع أن يغير من قواعد العمل الطلابى فى كلية دار علوم – حقل التجربة – أو بالأحرى استطاع أن يكسر كافة قيود العمل الطلابى فى هذه الكلية ، وقد مر بأطوار عدة على مدار أربعة أعوام ، واستوى على سوقه فى آخر فصل فى هذه الأيام ، وهذه التجربة تحمل فكرى الخالص فى رؤيتى للتغيير وللعمل النهضوى فى فترتنا الحالية على مستوى الجامعة ، وعلى مستوى القطر المصرى ، ومن ثم الحالات المشابة فى العالم الإسلامى .



أولا : حقل التجربة ( دار العلوم ) :

هى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة ، ولن أخوض فى تاريخ هذه الكلية الذى يسبق جامعة القاهرة نفسها ( أول جامعة فى مصر ) بثلث قرن من العطاء ، ولن أسرد أيضا رجالها الأفذاذ من العلماء والأدباء والمصلحين والمجددين ويكفى أن منهم أمثال حسن البنا وسيد قطب ( وذكرهم هنا من ناحية قوة التأثير ومداها ) ، ولن أعدد أيضا المواد التى كانت تقرر فى هذه المدرسة – قبل أن تصبح كلية – ولا تاريخ تطورها الطويل ، ولكننى سأركز أكثر على واقع هذه الكلية وما آلت إليه بعد انضمامها إلى جامعة القاهرة (1946) . حيث أصبحت متخصصة فقط فى العلوم العربية والإسلامية ، موزعة على أقسام : النحو والصرف والعروض ، الدراسات الأدبية ، البلاغة والنقد الأدبى والأدب المقارن ، علم اللغة والدراسات الشرقية والسامية ، الشريعة الإسلامية ، الفلسفة الإسلامية ، التاريخ الإسلامى والحضارة الإسلامية .

وتدرس مواد هذه الأقسام على مدار أربعة أعوام بلا تخصص إلا فى مرحلة الدراسات العليا مما يجعل الطالب ملم باللغة العربية إلمامه بالشريعة الإسلامية ويستعين بتلك على هذه ، وبهذه على تلك ، وهو فى ذلك قد يجمع مالا يجمعه الطالب الأزهرى الذى يتوزع ما بين كلية لغة عربية أو كلية أصول الدين أو شريعة أو دعوة ، ذلك فإن لائحة دار العلوم هى الوحيدة التى تسمح لطلاب وطالبات المدارس الأزهرية بالالتحاق بها ، وبذلك تعد حلقة وصل مهمة بين مؤسسة الأزهر ، والجامعات المصرية ( حيث أنشأ للكلية مؤخرا فرع فى الفيوم وآخر بالمنيا ) .

هذا على مستوى المحتوى والمضمون الذى يؤهلها لكى تكون رائدة للإصلاح ، ومحضنا للفكر والتجديد الإسلامى ، ومصنعا للإسلاميين قادة ونخبا ، أما على مستوى الشكل فهى تعد كلية داخل الحرم الجامعى تسرى عليها كافة أوضاع الكليات ولوائحها ، بل وتزيد عليهم لخصوصية وضعها ، فالبعض يعتبرها جسدا غريبا على نسيج الجامعة يجب لفظه ، والبعض الآخر يعتبرها نقطة مضيئة ، وعلامة صحة ، فى هذا النسيج الجامعى .

إذن فمجال التغيير والتجريب فى هذه الكلية يصلح لأن يكون من ناحية مجالَ تطبيقٍ للعمل النهضوى فى الفكر والحركة الإسلامية ، وبالتالى يصلح للتعميم أو الاحتذاء على الأقل ، ومن ناحية أخرى يصلح لأن يكون نموذجا للإصلاح على مستوى أى كلية فى الجامعة ، ثم على مستوى الجامعة نفسها ، والتى هى جزء من هذا الوطن ، وتدار بنفس الطريقة التى تدار بها المؤسسات الأخرى التى تحتاج إلى عمل إصلاحى لتقويمها وتطويرها .

ثانيا : رفع الواقع :

أ - الفئات والقوى :

من جانب الفئات فإن الكلية تتوزع فئاتها – على الترتيب من حيث العدد – على الطلاب والأساتذة والموظفين ، وتتكون ست قوى من هذه الفئات – على الترتيب من حيث التأثير – الأمن وطلاب الإخوان والإدارة واتحاد الطلاب والطلاب العاديين .

وإذا نظرنا إلى ما يقابل هذه القوى خارج الجامعة سنجد أن قوة الأمن تأتى على رأسها ثم يتفاوت مدى تأثير القوى المسيسة كالإخوان وغيرهم مع الحكومة ( والتى هى الإدارة ) ، ثم يأتى أعضاء مجلس الشعب كنظير لاتحاد الطلاب ، والمنتخبين من جموع المواطنين ، والقاعدة العريضة منهم كالطلاب العاديين الغير مؤثرين .

ب - قواعد العمل الطلابى :

لا يمكنك أن تتلمس قواعدا محددة للعمل الطلابى داخل كلية دار العلوم بالذات ، لأنها أحيانا تساير القواعد العامة التى تعمل بها الجامعة بحجة أنها كلية داخل الحرم الجامعى يسرى عليها ما يسرى على باقى الكليات ، وأحيانا تخالف كل قواعد الجامعة وتزيد فى تعقيدات غير موجودة فى بقية الكليات بحجة أن لها خصوصية ، وهذه الخصوصية هى إدعاء أن بها أكبر قاعدة لطلاب الإخوان المسلمين ، وبذلك فإن التدابير الأمنية الزائدة هى فى صالح الكلية حتى لا تتم " أخونة " الكلية كما يدعون ، وبالطبع فإن حقيقة القاعدة الأكبر للإخوان فى الجامعة لهى حقيقة قديمة –تغيرت الآن بالطبع - يعرفها رجال الأمن جيدا ، ولكنها فقط تقف كحجة يلوكها بعض الأساتذة والموظفين الإداريين لسن المزيد من القوانين المقيدة للعمل الطلابى .

وبوجه عام فإن الجهاز الرسمى للتعامل مع نشاط الطلاب فى الكلية هو جهاز رعاية الشباب بالكلية ، والذى هو خليط من أساتذة وموظفين إداريين مسيطرٌ علي معظمهم من قبل قيادة حرس الكلية ، ويساعدهم طلبة مجندين لإدارة الصراع مع أى قوة طلابية غير مرغوب فيها ، وهذا الجهاز يتعامل مع كافة طلاب الكلية المنقسمين إلى :

1- طلاب دار العلوم المستهدفين من خدمات رعاية الشباب التعليمية كطباعة الجدول وملازم الامتحانات ، والخدمية كتعليق الملصقات واللوحات الإرشادية وعقد الدورات الحرفية ، والترفيهية كالرحلات والحفلات .

2- الطلاب المحظورين وهم فى أغلبهم من طلبة الإخوان ، وهم محظورون من التعامل الرسمى كدخول الانتخابات أو استلام دعم الكتب فى بعض الأحيان .

3- طلاب النشاط ، وهم الطلاب المعتمدون داخل رعاية الشباب ، ويمثلون الطبقة التى يتم اختيار اتحاد الطلاب منها ، فكما أن الحكومة لا تختار إلا من أعضاء الحزب الوطنى ، فإن اتحاد الطلاب لا يتم اختيارهم إلا من الفئة المسماه بـ " طلاب الأنشطة " ، والتى يصدر باسمها كافة الفعاليات إبان فترة انتخاب الاتحاد الجديد فى كل عام ، ولا تحتاج عضوية هذه الفئة إلى انتخابات أو ترشيح وإنما هى عرفية ، تسحب على كل من يقدم خدمات للرعاية ويعمل تحت مظلتها .

أما القنوات الشرعية التى يعتمدها هذا النظام كقنوات رسمية للنشاط داخل الكلية فتتمثل فى :

1- اتحاد الطلاب :

وهو المنظومة الأساسية التى تمثل الطلاب داخل أى كلية ، وتعمل على توفير احتياجاتهم ، وتلبية مطالبهم ، والترشيح فى انتخابات هذه الاتحادات مسموح لكل الطلبة ما عدا الباقون للإعادة والموقع عليهم عقوبات تأديبية بناء على قرار من مجلس تأديب محالون إليه من قبل الشئون القانونية فى الكلية عن طريق التقارير الأمنية فى معظم الأحوال ، أما الفائزون فى هذه الانتخابات فيشترط فيهم – عرفيا – أن يكونوا من طلاب الأنشطة الموثوق فى تبعيتهم لرعاية الشباب .

2- الجماعات الثقافية والجمعيات العملية :
وهى جمعيات تتبع لجان معينة فى الاتحاد وعلى رأسها اللجنة الثقافية ، ولكنها مستقلة فى إدراتها حيث يترأس كل جماعة عضو هيئة تدريس – فى الغالب معيد – ويباشر بنفسه عمل هذه الجماعة بتنسيق غير مباشر مع رعاية الشباب .

3- أسر الكلية :

وهى أشبه بالنظام الحزبى الصورى حيث تتبع هذه الأسر لجنة فى الاتحاد وضعت باسمها ( لجنة الأسر ) ، ويشترط لكل أسرة عدد من المؤسسين لا يقل عن خمسين طالبا وطالبة بدون أى شروط ، وتوقيع أستاذ كرائد للأسرة ومعيد كأمين للصندوق ، وفى الغالب يتم إلغاء ورق الأسر التى يمثل فيها الطلبة المحظورون النسبة الأغلب ، وهذه الأسر يتم وضع لوائح خاصة بها ، وتجدد كل عام بقيود أكثر لضمان عدم خروج أى أسرة عن الخطوط المرسومة من قبل رعاية الشباب .

إذن فمجمل قواعد العمل الطلابى تتسم بأنها :

1- محددة بزمان ومكان ، فلا أنشطة قبل انتخاب الاتحاد ولا أنشطة بعد حفل ختام النشاط ، ولا نشاط للأسر فى الفصل الدراسى الأول بإطلاق ، وبالطبع فإن المكان الممارس فيه النشاط هو أروقة الكلية فقط ، اللهم إلا إن كانت مسرحية أو حفل ضخم فيعقد فى مسرح الجامعة ، أو رحلات بإشراف ممثلى الرعاية .

2- لا تتم بإرادة كاملة للطلبة حيث يشترط فى أى نشاط أن يشرف عليه موظف من رعاية الشباب بالإضافة إلى عضو من هيئة التدريس ، فلا تخرج أى ورقة من رعاية الشباب ، ولا تعلق إلا وعليها إمضاء وختم مدير إدراة رعاية الشباب ، ولا يعقد أى اجتماع لأى مجموعة من القنوات الثلاثة الشرعية السابقة إلا ومعهم الموظف المختص أو عضو هيئة التدريس المسئول أو كليهما ، وأى اعتراض من أحدهما يوقف فورا أى خطوة يتخذها الطلبة .

3- لا تتمتع بالجدة أو الإبداع حيث يتم عملية قولبة لمعظم فعاليات الأنشطة ، فالجماعات مثلا كجماعة الشعر أو الإلقاء يقتصر دورها فى المهرجانات واللقاءات داخل الكلية فقط ، والأسر يحدد نشاطها فى مجلة حائط ودورة ثقافية وندوات ( خمس ندوات فقط ) ، ورحلات تقسم أيضا إلى رحلة واحدة داخلية ( فى القاهرة ) ، وأخرى خارجية ( إلى إحدى المحافظات ) ، وهكذا .

4- لا تتم الموافقة عليها إلا بعد مدة من الزمن ، فلا يتم الموافقة مثلا على تعليق مجلة حائط إلا بعدها بأسبوع ، وإن كانت كل هذه المدة من أجل مجلة حائط ، فإن الندوات أو الرحلات تحتاج إلى أكثر من ذلك ، وتحتاج أيضا إلى عدم معارضة أمن الكلية .

5- عدم الاستمرارية ، فهى فعاليات متفرقة غير منظمة فى نسق موحد ، كأن تكون دورة على مدار العام ، أو سلسلة محاضرات أو فعاليات فى اتجاه واحد ، وكل عام يأتى من يبدأ من جديد أو يكرر عمل أسلافه فى العام الماضى ، ولذلك فإن الكثير من الأسر الطلابية مثلا تموت بتخرج أعمدتها .

ج - مستوى أداء الكلية :

كلية دار العلوم كلية لها تاريخ واسم كبيرين ، وقد ظل هذا الاسم وحده يعطى للمنتسب إليها ثقلا أيا كان مستواه ، ولكن بالنظر إلى العقود الثلاثة الأخيرة فى الكلية نجد أن مستوى أداء الكلية قد هبط كثيرا عن سالف عهده قبل وإبان انضمامها لجامعة القاهرة ، بحيث احتفظت بقيمتها فى ذاكرة من عاشوا عقودها الذهبية فى أوائل ومنتصف القرن الماضى ، ولكنها توارت من مشهد الأجيال الناشئة ، ولا أذكر أن طالبا فى صفوفنا الثانوية ذكر أمامى هذه الكلية ، وعندما قابلت اسم الكلية فى أوراق التنسيق سألت عنها كثيرا حتى عرفت عنها بعض المعلومات ، وإلى الآن عندما أذكر أمام أكثر الشباب أننى خريج كلية دار العلوم ، يتسائل مباشرة : وما الفرق بينها وبين كلية العلوم ؟ ، ويرجع هذا الأفول للكلية لعدة عوامل :

1- ذهاب أعلام الكلية الكبار .
2- ضعف المناهج الدراسية .
3- التوجهات الرسمية لإضعاف مكانة الكلية .

وشرح هذه العوامل قد يحدث إطالة وخروجا عن صلب الموضوع ، ولكن إذا بدأنا مع العامل الأول نستطيع أن نقول أن أعلام الكلية الكبار من حيث الثقل والتأثير كانوا من الكم والكيف الذى لا يقارن تماما بمستوى أداء أساتذة الكلية وطلابها ومن ثم خريجها فى كافة مواقعهم ، وهذا العامل مرتبط أيضا بالتخفف الذى اعترى الكثير من موادها ، ويحكى لنا أساتذتنا عن مقدار الحفظ المقرر من القصائد منذ ربع أو ثلث قرن فقط فنجد ألا مقارنة بين ما وصل إليه الآن ، أما العامل الثالث فهو المهيمن على السابقين فمن أول تهميش دور الكلية الرسمى ، إلى الاستمرار فى وضعها فى زيل القائمة على لائحة التنسيق ، وحتى إيداعها فى المبنى الكائنة فيه حتى الآن منذ دخولها جامعة القاهرة وهو عبارة عن مبنى معامل وورش تابعة لكلية الهندسة وغير معد للمحاضرة فيه على الإطلاق ولا يليق بتارخ الكلية إطلاقا ، ولم يدخل حتى فى التطويرات الجديدة التى طالت الكثير من مبانى الجامعة فى مئويتها !

ولبيان هذا العامل الثالث وأنه ليس عبثا من القول ، أو مجرد حملا على نظرية المؤامرة ، أعتقد أن هناك نظرة ساذجة تتعامل معها المؤسسة الرسمية للدولة مع كلية دار العلوم بنفس المنطق الذى تعاملت معه مؤخرا مع حركة حماس فى الخارج ، حيث تعتبر الدولة أى ارتباط فى الجذور بين أى جهة أو مكان مع جماعة الإخوان المسلمين – وهى كبرى الحركات الإسلامية فى العالم - يعد تعضيضا لهم ، وأن إضعاف هذه الجهات هو إضعاف للجماعة أو لمحاضنها ، وبذلك تعاملت فى الخارج مع حماس لأنها فى الأصل فرع للإخوان المسلمين ، ومع دار العلوم لمجرد أنها خرجت أهم رجلين فى تاريخ الجماعة على الإطلاق وهما المؤسس الإمام الشهيد حسن البنا ، والمفكر الشهيد سيد قطب ، فكأنها لا تريد المزيد من إخوان هذا الطراز .


ثالثا : ترتيب المعطيات وتوظيفها :

قد يرى الكثير أن هذه المعطيات غير متناسقة ولا تصلح لأن تنتظم فى تجربة واحدة تصلح نتائجها لشىء من التعميم على العمل النهضوى ، لكن المدقق يرى أنها جمعت أقطابا لا سبيل لجمعها فى مكان آخر ، وأن كل العناصر التى تحدثنا عنها آنفا ما هى إلا رموزا لهذه المرحلة الزمنية التى تعيشها الحركة الإسلامية مع الوضع السياسى والاجتماعى الراهن ، مع هذا الجيل التالى لجيل الصحوة والمفترض أن يكون طليعة لأجيال النهضة الإسلامية .

أيضا


رابعا : مرحلة الفروض وتجريبها :

ستدخل هذه المرحلة فى التفاصيل الشخصية التى خضتها بنفسى ، ولكنها تعتبر شخصية غير ذاتية ، إنما هى موضوعية لأقصى درجة ، أو هكذا أريدها وأقصد من وراء عرضها .




1- مرحلة كشف المسرح

2- جماعة الصحافة

3- برلمان شباب الجامعة

4- حزب العمل

5- مجلة المنبر

6- جماعة الإلقاء

7- حركة جامعتنا

8- أسرة فرسان النور



1- مرحلة كشف المسرح :


عند دخولى للكلية وفى عامى الأول ، كانت أمامى عشرات الطرق التى من الممكن أن أسلكها لتحقيق مآربى فى الكلية ، وكان لابد من أن أعطى لنفسى فترة أحدد من هذه الطرق طريقين أو ثلاثة أركز عليهم لأكتشف الأقوى منهم ، وأعتمده سبيلا لى بعد ذلك ، ولذلك كانت هذه الفترة هى السنة الدراسية الأولى كاملة حيث تم التعامل مع أربعة سبل ، استطعت أن أتخذ فى أول سبيلين منهما موقفا واضحا ثابتا على مدار الأربع سنوات ، وقررت أن أخوض فى السبيلين الآخرين وغيرها بعد ذلك :

أ . الإخوان المسلمين :

لا يمكننا أن نتثبت من انتماء فرد لجماعة الإخوان المسلمين إلا بعد أن ينهى المرحلة الثانوية ، فالجامعة هى المحك الرئيسى الذى يثبت للشخص أنه من الصف الإخوانى أو خارجه ، ولذلك فإن الجماعة تعتمد دائما على معسكر انتقالى يشارك فيه شباب ثانوى ليتم بعد ذلك تسليمهم ، أو تخريجهم إلى الجامعة ، وبذلك يضاف إلى الشاب بجانب الدعوة فى المنطقة ( المكان الذى يسكن فيه العضو ) ، الدعوة فى الكلية ، ويكون له مسئولين مسئول المنطقة ، ومسئول الجامعة ، وشغل الجامعة فى هذه المرحلة يصبح أهم وأولى من شغل المنطقة .

وبالفعل اشتكرت فى المعسكر الانتقالى بين المرحلتين الثانوية والجامعية ، وقد جاء ذلك تتويجا لنشاطى مع الإخوان خلال فترة الثانوى ، وكان معسكرا رائعا للغاية ، وتعد أيامه الأربعة من أعلى القيم التى حصلت عليها من الإخوان حتى الآن ، ومعظم من كانوا معى فى المعسكر ( العريش 2004 ) أصبحوا الآن مسئولين فى كلياتهم المختلفة حتى أننى قابلت أحدهم بعد أربع سنوات واكتشفت أنه أصبح مسئولا للإخوة فى الجامعة الأمريكية .

لكننى لم أسر على نفس النهج ، فمن أول يوم رأيت فيه الإخوان فى الجامعة ، أعملت نظرتى الناقدة ، فوجدت أن أدائهم ضعيف وتقليدى للغاية ، ومساحة تأثيره أضعف ، فمفردات النشاط تتكون من اللوحات الورقية المكتوبة بخط اليد أو المطبوعة ، المزيلة بالتيار الإسلامى ، أو الكلمات فى المدرجات التى تشبه الإذاعة المدرسية تماما بتمام حيث تبدأ بالقرآن ثم حديث النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم تختم بالأنشودة ، أو المعارض والمهرجانات التى تتضمنها الحملة السنوية ، هذا بالإضافة إلى حركة الرد الفعلى الثابتة سنويا ، وهى الدعاية الانتخابية ، ثم الاعتراض على الشطب من قوائم الترشيح ، فالاعتراض على منع أسرهم من النشاط ، وأخيرا الاعتراض على المجالس التأديبية الثابتة ، والوسائل محفوظة ومكرورة : مظاهرة ، اعتصام ( لا يتعدى يوم دراسى على الحد الأقصى ) ، مفاوضات مع العمداء ورئيس الجامعة ، إضافة إلى استخدام نفس الأساليب فى التعامل مع القضايا العامة على مستوى القطر المصرى أو العالم العربى والإسلامى كالإصلاح السياسى أو القضية الفلسطينية .

لم تعجبنى هذه الوسائل والأساليب سواء فى الفعل أو فى رد الفعل ، وأهم ما كنت أركز عليه – فى نقدى – هو مقدار التأثير الذى تحدثه هذه الفعاليات ، سواء على مستوى الطلبة المستهدفين ، أو على مستوى الجهات التى يُعترض بين يديها على هذه الممارسات ، فقررت ألا أنضم للعمل الإخوانى فى الجامعة ، بشكل رسمى ، وأحدث هذا القرار شيئا من الصدمة عند من هم فوقى فور اكتشافهم ذلك فى أول معسكر بعد دخولنا الجامعة ( الإسماعيلية – أول إجازة نصف عام فى الجامعة ) ، ولكننى حاولت أن أسرد وجة نظرى وأننى مستعد ومقتنع بالعمل فى المنطقة ، بعيدا عن الانخراط فى الجامعة ، وكان من ضمن الأسباب التى أحدثت شيئا من الاقتناع عندهم هو التفوق فى الكلية ، وطموحى إلى الانضمام لهيئة التدريس .

وقد ظلت علاقتى بإخوان الكلية ومسئوليها على درجة كبيرة من المتابعة ، فلم يكن هناك أى فعالية جماعية ( مظاهرات / مؤتمرات / مهرجانات .. إلخ ) ، إلا كنت موجودا فيها خاصة بعد أن انضممت للصحافة بداية من الفرقة الثانية فى الكلية .

والخلاصة أننى لم أكن بمنئى عن كبرى الحركات الطلابية العاملة فى الجامعة ( الإخوان المسلمين ) ، وكنت محسوبا فى البداية عليها ، أو بمعى آخر كانت مسارا طبعيا لى ، إلا أننى لم أقتنع بأدائها فى الجامعة وأخذت أبحث عن سبيل آخر لمزيد من التأثير فى العمل الجامعى .

ب . اتحاد الطلبة :

كشخصية قيادية تستثيرنى الاتحادات الطلابية ( خاصة أننى فى آخر كل مرحلة دراسية أصبح رئيسا للاتحاد العام كما كنت فى الصف الثالث الإعدادى والصف الثالث الثانوى ) ، ويصبح لقب رئيس اتحاد الكلية أو الجامعة من الألقاب التى أرنوا إليها كمبدأ عام ، لكن الوضع فى الجامعة جد مختلف عن الوضع فى المراحل السابقة ، فاتحاد الطلبة فى الكلية هم مجموعة يتم انتقائهم من شريحة معينة من الطلبة المرغوب فيهم ، ويتم استخدامهم فى أطر محددة معينة ، وأول ما لفت انتباهى فى الأمر وجعلنى أنفر من هذه الفكرة هو الناتج الذى يخرج من هذه الاتحادات ومنها مثلا اللافتات الإرشادية ، واللوحات الورقية التى توزع فى كل مكان منافسة للافتات الإخوان ، والشاهد أن لافتة منها لا تعلق إلا وعليها ختم رعاية الشباب وأيضا إمضاء مدير رعاية الشباب شخصيا ، وهذه مهزلة ما بعدها مهزلة ، فكيف يتم انتخاب هؤلاء الطلبة ، وبعد أن يتأكدون من ولائهم ويتحرون الدقة عنهم ، ويتم غربلتهم ، وبعد كل هذا ، يسحبون تلك الثقة – التى أعطاها بقية الطلاب لهم – مع أول جرة قلم على لوحة من اللوحات ، لأن معنى هذا التوقيع أن هذه اللوحة لم تكن لتعلق – حتى لو كانت بإرادة الاتحاد – إلا بموافقة مدير رعاية الشباب ، والذى هو علاوة على كونه موظف فى الكلية ، تابع تبعية شديدة لمكتب قائد حرس الكلية ، وبالتالى فهى دائرة مغلقة ليس فيها أى قيمة ، ومسرحية زائفة لا يقبل أن يصعد على مسرحها إلا الأراجوزات فقط ، ومن يكتشف أنه ممثل أو لاعب حقيقى يتم إنزاله من على المسرح فورا .

الأمر الآخر الذى أثبت لى أن الاتحاد ليس فقط " أراجوزات " ليس لها حول ولا قوة ، بل وأن محركى هذه الأراجوزات هم رجال الأمن ، هو الهجوم الشديد الممنهج والنظم على طلاب الإخوان المسلمين فى الكلية ، من بيانات وكلمات فى المدرج ولافتات ، وأفكار لا تخرج من رأس " أراجوز " مسكين ، وإنما من رأس صاحب خشبة المسرح ، ولكل هذه الاعتبارات قررت ألا أشارك فى هذه المهزلة أبدا ، وأيضا أن أدعو أصدقائى وأصحابى وكل من يطلب رأيى أن يقاطعوا هذه الانتخابات تماما ، وكان هذا الأمر هو بداية معرفة الأمن بى بعد ذلك .

ج . الجماعات الثقافية :

هى جماعات شبه مستقلة عن الاتحادات ، فهى فى الأصل تتبع اللجنة الثقافية باتحاد الطلبة ، لكن يشرف عليها معيد فى الكلية ، ومقررها ينتخب من أعضاء الجماعة بعيدا عن انتخابات الاتحاد وبغض النظر أكان الطالب عضوا فى الاتحاد أم لا ، وأول ما لفت انتباهى من هذه الجماعات هى جماعة الصحافة ، ثم جماعة الخطابة والإلقاء ، ولكل من هذه الجماعات تجربة خاصة تختلف باختلاف مشرفيها ونشاطاتها كما سيأتى .

د . الأحزاب السياسية :

" أخلع عبائتى الحزبية على أسوار الجامعة " هذه الجملة سمعناها من أحد أعضاء هيئة التدريس والعضو البارز فى لجنة السياسات فى الحزب الوطنى الدكتور / جابر نصار ، والواقع أن العمل الحزبى فى الجامعة ضعيف للغاية ، والأحزاب الفاعلة فيه هى : حزب العمل ، وحزب الاشتراكيين الثوريين ، وحزب الكرامة ، وبدايات نشاط حزب الغد ، وهذه الأحزاب إما مجمدة كالعمل أو تحت التأسيس كالكرامة ( وهناك أيضا كيان شبيه وهو اتحاد أندية الفكر الناصرى ) والاشتراكيين الثوريين ، والغد هو الوحيد الشرعى وبدأ ظهور ذراعه الجامعى فى 2006 ليس قبل ذلك، وبالطبع فإن الحزب الوحيد الذى قد أخوض معه التجربة الحزبية السياسية هو حزب العمل ذو التوجهات الإسلامية .



يتبع

هناك 3 تعليقات:

osama alsoultan يقول...

راااااااائع جدا ...... التسلسل وعرضك للأحداث شديد البراعة...... ماشاء الله وفقك الله أخى أحمد

الدرعمي يقول...

بسم الله ما شاء الله

أنا سعيد بك جدا يا أحمد

باركك الرب الذي في الأعالي


تحياتي


آدم الدرعمي

رفعت الباشا يقول...

يا أخي ، بارك الله فيك ونفعك ونفع بك وكان سبحانه وتعالى جارك !
موضوع جميل وعرض رائع !
في انتظار الحلقة القادمة بفارغ الصبر !