10‏/8‏/2009

رحم الرجال


الظلام يلف الليل ، سكون تام إلا من وقع الأقدام التى تقتادنى من حولى ، نصعد درجات ونهبط أخرى ، أوَّجه لليسار تارة ولليمين أخرى ، وقد ربطت على عينى عصابة يخال واضعوها أنها عصابة من يلقى حتفه ، وأحسبها أنا ربطة أنيقة غميت بها عينى لأفتحها على حبيبتى التى لطالما حلمت بها ، بحضنها .. بأول لقاء بيننا حين أهوى جاثيا أقبل الأرض من تحتها ، وبعد ردهة طويلة أخيرا استوقفونى وزالت العصابة من عينى لتبصرها أمامى .. ساكنة سكون الليل .. هادئة هدوء السماء .. ثائرة ثورة البركان ، ارتميت فى حضنها وانتظرت أن أسمع ذلك الصوت حتى أهوى عليها بقبلتى

ذلك الصوت الذى لا مثيل له سابقا سوى ذاك الصوت الثائر الصاخب .. صوت أول رصاصة تخرج من سلاح أحمله فور أن سمعت صيحة أصحاب أعز أرض وطأتها " الله أكبر .. الله أكبر "

ذلك الصوت الذى لا مثيل له لاحقا سوى ذاك الصوت الحانى الرائق .. صوت أول قبلة من شفتاى على يدها الرقيقة فور أن يردد الجمع من حولنا " بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير "

ذلك الصوت يكاد ينطلق الآن وقد أرهفت له سمعى ، المتراس الغليظ يتحرك ببطىء ويستمر إلى أن يحكم زمامه على الباب الحديدى ثم تنطلق زغردة المفاتيح فى الأقفال قفلا بعد آخر حتى إذا سكن الصوت ثانية وصحبته ضربات الأقدام مولية هويت من فورى على أرض الزنزانة العارية أقبلها وأسجد بين يدى المولى سجدة الشكر على أن اصطفانى إلى رحم الرجال ..


رحِم الرجــال

قريبـا على البيـــــــــــــــــارق