الباء : حرف انفجاري شديد ، تنفجر به الشفتان كما تنفجر براكين الثورة في وهج البيرق
،أما الراء : حرف تكراري ، ينتج من تتابع ضربات اللسان في سقف الفم ، كما تتابع ضرباتي الحانقة ولا تتوقف في كل سقف ظالم يحجبني عن السماء التي هى السقف الطبيعي أو قل الرباني لطموح الإنسان
و القاف : وبالرغم من أنه انفجاري أيضا ، إلا أن وقعه في نهاية الكلمة لم يأت لمعنى الانفجار ، لكنها القلقلة التي ترج الآذان والأسماع وتجعل من الحق ، صوت مجلجل يبرق ويرعد ، ويترك صداه - بعد أن تنتهي ثورته - يدوي عبر الزمان والمكان .
كانت هذه هى معاني الحروف التي اخترتها كمادة لاسم تلك المدونة ، فتحت قاموس أصواتي واستلهمتها منه ، فما بالكم بمعاني الكلمة نفسها ، بالتأكيد لن أبحث عنها أيضا في المعجم الوسيط ، ولكن سأبحث عنها في معجم الذات .
البرق .. تلك الكلمة التي لا تثير كلمة أخرى سواها قدر ما تثير هي من معان .. البرق ذلك المخلوق العجيب القوى المبهر ، ذلك السلاح المستطير.. ذلك السراج الوهاج المنير ، هل فكر أحدنا كم يعيش البرق من الزمان ، إنه يولد ليموت يعيش للحظات ، ولكن ما أروعها من لحظات ، لحظات يسمع فيها العالم كله بصوته تسبيح الله ، وما صوته إنه الرعد " يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته " ، لحظات يري العالم كله الضياء يقطع به كل ظلام ، لحظات يضرم فيها النار وبقوة في كل معاند لأمر ربه .
ما أروعه من مخلوق ، لو أننا نقلده ! ، لو أننا نعيش ولو لحظة بتجرد كامل للقضية التي خلقنا من أجلها ، لو أننا نرى الدنيا من حولنا ظلام حالك فلا نتردد أن نخترق هذا الظلام بقبس من نور نبعثه في دجاها ، أو أن نراها سكونا قاتلا فنصرخ بصوت راعد فيها ، لعل الذي يعيش في هذا الظلام لم ير النور من قبل فيعرف حلاوته لما يراه ، أو أنه في غيبوبة مستديمة مستميتة لا يوقظه منها سوى هذا الصوت المجلي .. إنه البرق فهلا تبرقون
البارق : رمز القوة والجلد ، رمز العزة والكرامة ، رمز الجهاد والاستشهاد ، إنه السيف .. السيف الذي حاولنا أن نكسره ، لنتخلص منه ، فلما تأبى علينا تركناه عل الصدأ ، يستنزفه فلا يصبح بارقا ، يخطف بلمعانه تحت وهج الشمس أبصار العدو وهو يحصد أرواحهم حصدا ، لكن طالما كان هنالك من يجلو هذا السيف من أبناء هذه الأمة ، ويقيم رايات الجهاد في أرض الله سيبقى بارقا رغم أنوف الآفلين المعتمين .
البارقة : البشرى بالعطاء بعد الجفاء ، وبالخير والنماء بعد البؤس والشح ، إنها السحابة التي تحمل الغيث ، تنزله على تلك القلوب الظمئى لكل المعاني التي أنزلت من السماء زلالا ، فحولها الإنسان إلى كدرا وطينا .
وأخيرا ألطف معنى هو معنى الفعل فإذا قلت أبرق الرجل وأرعد ، أي أرهب وهدد وتوعد ، أما إذا قلت أبرقت المرأة وأرعدت ، أى سفرت .. تزينت .. وتجملت .
كذا البيرق يجمع القوة والمنعة ، فهو سوط نار على الضالين المضلين ، وكذا هو للمخلصين نورا جميلا وهاجا يهدي بجماله وجلاله السائرين على دربنا إلى يوم الدين .